ونحن نمضي قدماً نحو عام 2023، ما هي العوامل المؤثرة التي يتعين على المستثمرين أخذها في الاعتبار؟
الأنظمة المالية العالمية الجديدة
يشهد النظام العالمي الجيوسياسي الذي ساد على مدى الثلاثين عاماً الماضية تغيراً هائلا، ممهداً الطريق نحو ظهور نظام جديد في جميع أنحاء العالم. فمنذ انتهاء الحرب الباردة، ونحن نعمل في إطار عالم يشار إليه بأنه أحادي القطب، تفرض فيه الولايات المتحدة الأمريكية هيمنتها الاستراتيجية على العالم مع قدرة على فرض أحكام تنظيمية في القطاع المالي مثل تلك المتعلقة بسويفت، وصرف العملات، وغسيل الأموال، والتحكم في الأصول، ويتعين على البنوك في جميع أنحاء العالم إتباع هذه الأحكام التنظيمية. لكن الصراع الدائر الآن في أوكرانيا قد أسفر عن اتجاه روسيا إلى تطوير أنظمة وبنية تحتية جديدة لتحويل الأموال وإنجاز أعمال التجارة.
فك الارتباط بالدولار لمبيعات النفط
إن إمكانيات فك الارتباط بالدولار لمبيعات النفط من جانب روسيا وإيران وفنزويلا، والهند، وتركيا، وبعض الدول الأخرى، فضلا عن شراكة المملكة العربية السعودية مع الصين، هي كلها نقاط تساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الأسواق في الوقت الذي تشهد فيها العلاقات الأمريكية-السعودية توتراً بشأن قرار الأوبك بخفض إمدادات النفط الخام. وبشكل عام، فإننا سوف نشهد انحسار نفوذ الولايات المتحدة في أنحاء العالم وتدني قوة الدولار الذي مازال يحتفظ بقوته الآن، خاصة إذا ما قررت الصين وقف شرائه. ولكن حتى في ظل هذه التغيرات، فإن أهمية اقتصاد الولايات المتحدة والاقتصاد الأوروبي مازالت عالية للغاية لأنها مازالت تملك أنظمة قانونية راسخة وإجراءات قوية لحماية المستثمرين مقارنة بباقي دول العالم. كما من المرجح أن يكون للتغيرات السياسية وعلى رأسها اهتمام السعودية بالانضمام إلى مجموعة بريكس الاقتصادية تأثيراً كبيراً على المستثمرين في أنحاء العالم، وبعض هذه التأثيرات قد يكون سلبياً، والبعض الآخر إيجابياً.
التضخم
يشكل التضخم مشكلة كبيرة. وفي البحرين وجميع أنحاء المنطقة، سوف تزيد الإيرادات بسبب ارتفاع أسعار النفط، ولكن في نفس الوقت سوف ترتفع أسعار الكثير من المنتجات المصنعة المستوردة، بسبب المشكلات التي تعرقل سلسلة الإمدادات في العالم الناشئة عن الصراع في أوكرانيا، وتداعيات الوباء العالمي كوفيد 19.
الفرص المتاحة أمام المستثمرين الإقليميين
حافظت دول الخليج على علاقات طيبة مع الغرب، كما تسعى أيضاً إلى بناء علاقات مع دول الجنوب العالمي والتي تشمل أفريقيا، وأمريكا اللاتينية، ودول الكاريبي، وجزر المحيط الهادي، والدول النامية في آسيا، وهو ما أكده الرئيس الصيني شي جين بينغ في زيارته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية. إن المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط في وضع جيد يتيح لهم الاستفادة من أي من الفرص التي تنشأ بسبب هذه التغييرات الجيوسياسية، مع الأخذ في الاعتبار المخاطر الملموسة المصاحبة لها.